أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق
أبو بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي. أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر التيمي. ولد سنة 51 ق.هـ ( 573 م) . صحابي ممن رافقوا محمدا منذ بداية الدعوة، وكان من أوائل من أسلم من أهل قريش. وهو والد عائشة بنت أبي بكر زوجة الرسول، وأم المؤمنين. وهو كذلك أول الخلفاء الراشدين عند المسلمين.
التسمية
سمي بالصديق لأنه صدق النبي في خبر الإسراء, وقيل لأنه كان يصدق النبي في كل خبر يأتيه من السماء. كان يدعى بالعتيق; لأن النبي قال له: "يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار". كان سيدا من سادات قريش وغنيا من كبار موسريهم, وكان ممن حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية. كان له في عصر النبوة مواقف كبيرة ، فشهد الحروب واحتمل الشدائد وبذل الأموال ، وكان رفيق النبي في هجرته إلى المدينة، وإليه عهد النبي بالناس حين اشتد به المرض. بويع بالخلافة يوم وفاة النبي سنة 11 للهجرة. حارب المرتدين والممتنعين عن أداء الزكاة وأقام دعائم الإسلام. افتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق. توفي ليلة الثلاثاء لثمان خلون من جمادى الآخرة وهو ابن ثلاث وستين سنة, وكانت مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف.قاد حروب الردّة بعد وفاه النبي محمد.
مولده
ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر. قالت عائشة رضي الله عنها: تذاكر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر ميلادهما عندي، فكان النبي- صلى الله عليه وسلم- أك
مناقبه ومشاهده :
لأبي بكر الصديق فضائل كثيرة لا تحصى، وأذكر بعضا منها وتُراجع في مضانها، حيث أُلفت كتب كثيرة في ذلك. فقد صحب النبي- صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة، وكان من السابقين إلى الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، واستمر معه طول إقامته بمكة، ورافقه في هجرته، وأوى معه في الغار، وشهد معه المشاهد كلها إلى أن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الراية معه يوم تبوك، وحج في الناس في حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سنة تسع، واستقر خليفة في الأرض بعده عليه الصلاة والسلام. أنزل الله فيه قرآنا يتلى،وهو قوله تعالى: ( إِذْ أخْرَجَهُ الذين كَفَرُوا ثاَنِيَ اثنينِ إذْ هُمَا في الغار إذْ يَقولُ لِصَـاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَـنَا)(1). وهذه من أعـظم مناقبه ، فإن المراد بالذي كان معه وصاحبه في الغار أبو بكر بلا نزاع(2)، وهذه منقبة عظيمة لم يشركه فيها أحد. وقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر أيضا: "لا تحزن إن الله معنا"، كما في قصة هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم- عندما رأى أبوبكر سراقة فقال له: "هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله"، فقال: "لا تحزن، إن الله معنا"(3). وأخرج البخاري من حديث أنس، عن أبي بكر : (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)(4) ، وذكر الحديث. وقد أوجب علي حد الفرية على من فضله على أبي بكر (5). ومنها: أنه أحد العشرة المبشرين بالجنة ، بل هو أولهم بشارة بها، أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري الطويل، حيث أذن لأبي بكر ٍ، وبشَّـرَهُ بالجنة(6). وفضائل أبي بكر كثيرة معلومة، ذكَرْتُ بعضا منها للتمثيل وليس للاستقصاء، وشهرته مع فضائله تغني عن استقصاء ذلك، وصدق حسان بن ثابت الأنصاري يوم أن قال:
إسلامه ودعوته وتضحيته ومواقفه :
أسلم أبو بكر مبكراً حتى قيل أنه أول من أسلم، ولما أظهر إسلامه دعا إلى الله- عز وجل- وبذل في سبيل الدعوة إلى الإسلام ومناصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كل غالٍ ورخيص، حيث جعل كل إمكانيته في خدمة الدعوة ومناصرة الإسلام وإنقاذ المسلمين. وكان أبو بكر رجلاً مقصوداً من قومه محبباً لديهم سهلاً، وكان أعلم قريش بقريش، وكان يمارس التجارة، واشتهر بأخلاقه العالية، يقصده الناس لغير ما أمر، لما اشتهر به من رجاحة العقل والعلم،والبعـد عن سفاسف الأمور، وحسن المجالسة، فجعل يدعوا إلى الله- عز وجل- من وثق به من قومه ممن يدخل عليه من قريش، فأسلم بدعوته نفر كبير، وافتدى بماله نفر كثير، فممن أسلم بدعوته: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبد الله، وأبو عبيده وأبو سلمة ابن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون وخلق. واشترى كثيراً من المستضعـفين وأعتقهم لله، منهم: بلال بن رباح وغيره. وجعل إمكانياته تحت تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودافع عنه بنفسه وماله، ولما اعْـتُدِيَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم،دافع عنه وصد قريش منه قائلاً: "أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبيَّـنات من ربكم". ولما أذِنَ الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة، أعلن أبو بكر حالة الاستنفار في بيته فأصبح بيته في حال طوارئ شاملة للتجهيز للرحلة ولِمراقبة حركة قريش ورد فعلهم ولحماية الرسول صلى الله عليه وسلم، وتقديمه نفسه وأهله دونه. وكان له موقف مشهور من حادثة الإسراء والمعراج، حيث صدق به دون نقاش فأنزل الله تعالى فيه مدحاً في القرآن: ( والذي جاء بالصدق وصدّق به)، وقد لازم أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حله وترحاله، وحضر جميع غزواته، وكان حارسه الشخصي في غرفة عمليات بدر . وبلغ من العلم والفضل والتقوى ما رجح به على الأمة جمعاء فقد كان تالياً لكتاب الله عز وجل، عارفاً بمعانيه مدركاً لدلالته، ومن ذلك أنه كان يفتي في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي مجلسه، ولما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء نصر الله والفتح ) بكى أبو بكر، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده ) بكى أبو بكر لمعرفته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بدنو أجله، وقدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة بالمسلمين عند مرضه، وكان الصحابة يعرفون فضله لا ينازعه أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولأبي بكر مواقف ثبات في الإسلام تنشق منها الأرض وتخر لها الجبال، فقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطربت المدينة وزلزلت بأهلها وأظلم عليهم نهارها وهاج الناس وماجوا وافتقدوا أنفسهم حتى إنهم لينكرون موته صلى الله عليه وسلم ويستبعدون وقوعه، لكن أبا بكر كان أعلمهم بالله وأفهمهم لدينه وأثبتهم في المحن والشدائد، فقد توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن وجهه وقبّله وحزن عليه حزناً شديداً، ثم توجه إلى المنبر يعلن للمسلمين حقيقة البشر وحقيقة الموت وحقيقة الإسلام وأن دين الله عز وجل باق والبشر يموتون، يتلو عليهم كتاب الله ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) ويفسر لهم هذا المفهوم بخطبة (من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) بهذه الروح العالية والفهم الثاقب والثبات المتناهي يعيد للصحابة عقولهم وللتائهين صوابهم ولما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لمناقشة أمر الخلافة توجه أبو بكر إليهم وأجرى عليهم من علمه وفقهه وحواره الجاد ما زاح به خطراً يهدد كيان الأمة ووحدتها دعوة لله وحفظاً لدينه وأمته وعباده ولما أجمع المسلمون عليه خليفة لرسولهم صلى الله عليه وسلم معترفين بمكانته وفضله وعلمه جهّز رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وحل عنهم معضلة مكان دفنه، وتوجه إلى الجيش المرابط في ضواحي المدينة – وقد انخرط عقد الإسلام وأصبحت مدينة الإسلام والسلام مهددة من جميع جهاتها من دعة الفتنة والمستغلين للأحداث، لكن أبا بكر كان رابط الجأش ثابت الجنان ينزل الأمور منازلها دون تغيير أو تبديل ، لقد وقف موقفاً شجاعاً ضمن إمكانيات قليلة لا تقر القواميس العسكرية. من كان مثل حال أبي بكر أن يعلن ذلك الموقف المتصلب،في الوقت الذي أصبحت فيه المدينة مهددة بمجموع الطامعين والمتربصين بها ممن حولها يأمر أبو بكر بت
وفاته :
توفي أبو بكر على الحالة المرضية سنة 13 للهجرة وهو ابن 63 سنة بنفس عمر الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم وصلى عليه عمر ابن الخطاب .(14) ويذكر كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه، أن أبا بكر توفي نتيجة لسم وضعه اليهود في طعام أهدي إليه وأنه قد علم ذلك من الطبيب الحارث بن كلدة الذي أخبره أن الطعام الذي تناولاه مسموم وأنهما لن يعيشا أكثر من عام.